http://www.youm7.com/story/2014/10/4/%D9%88%D9%82%D8%AA-%D8%AA%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8A%D8%AF/1892997#.VdftFxSqqko
سعد الدين الهلالى
وقت تكبير العيد
السبت، 04 أكتوبر 2014 - 10:01 ص
اختلف الفقهاء فى وقت تكبير العيد اختلافا كبيرا، ويرجع السبب فى ذلك - كما يقول ابن رشد - إلى أنه لم يرد نص شرعى فى القرآن الكريم أو فى السنة المطهرة يحدد وقت هذا التكبير بما يرفع الخلاف، وإنما عرف المسلمون ذلك عن طريق عمل الصحابة، وقد اختلفوا فيه، فاختلف الناس من بعدهم، ونوجز ذلك فى العيدين على الوجه الآتى:
أولا: وقت التكبير فى عيد الفطر
التكبير فى عيد الفطر نوعان مطلق ومقيد، ولكل نوع منهما تفصيل
«1» أما التكبير المطلق فى عيد الفطر فهو ما يكون قبل صلاته، وقد اختلف الفقهاء فى تحديد وقت البداية ووقت النهاية لهذا التكبير، أما بداية التكبير المطلق فى عيد الفطر ففيه مذهبان فى الجملة، المذهب الأول: يرى أن تكبير عيد الفطر يشرع عند الغدو إلى الصلاة، أى عند الخروج من البيوت إلى مصلى العيد، وهو مذهب الجمهور، قال به الحنفية والمالكية والمشهور عند الحنابلة. وحجتهم: أن التكبير شعيرة صلاة العيد فناسب أن يكون عند الذهاب إليها. المذهب الثانى: يرى أن تكبير عيد الفطر يشرع من غروب الشمس من ليلة الفطر فى المساجد والبيوت والأسواق. وهو مذهب الشافعية والظاهرية واختاره أبو الخطاب من الحنابلة. وحجتهم: أن الليل يبدأ من الغروب، وأن التكبير شعيرة ليلة العيد ويومه. وأما نهاية وقت شعيرة التكبير المطلق فى عيد الفطر ففيه مذهبان فى الجملة. المذهب الأول: يرى انتهاء شعيرة التكبير المطلق لعيد الفطر بالوصول إلى المصلى والجلوس انتظارا للصلاة. وهو قول أكثر الحنفية وبعض الشافعية فى وجه. وحجتهم: أن انتظار الصلاة فى حكم الصلاة، فكان ترك التكبير فى المصلى توقيرا للصلاة.
المذهب الثانى: يرى استمرار شعيرة التكبير المطلق لعيد الفطر حتى يشرع الإمام فى الصلاة، وهو قول الجمهور. وحجتهم: أن الكلام مباح قبل أن تفتتح الصلاة، فكان التكبير هو الأولى.
«2» وأما التكبير المقيد فى عيد الفطر فهو ما يكون عقيب الصلوات المكتوبة من ليلة عيد الفطر، أى من صلاة المغرب حتى صلاة الصبح، وقد اختلف الفقهاء فى حكم هذا التكبير على مذهبين فى الجملة. المذهب الأول: يرى عدم استحباب التكبير المقيد بالصلوات المكتوبة فى عيد الفطر، وهو مذهب الجمهور. وحجتهم: أنه لم يرد عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه كبر للعيد عقيب الصلوات المكتوبة فى ليلة عيد الفطر أو يومه، المذهب الثانى: يرى استحباب تكبير عيد الفطر عقيب الصلوات المكتوبة من المغرب ليلة العيد حتى صلاة الصبح، وهو وجه عند الشافعية والحنابلة. وحجتهم: القياس على سنة التكبير فى عيد الأضحى.
ثانيا: وقت التكبير فى عيد الأضحى وأيام التشريق
التكبير فى عيد الأضحى نوعان مطلق ومقيد. أما التكبير المطلق فهو ما يكون قبل صلاة العيد، والخلاف فى بدايته ونهايته كالخلاف المذكور فى عيد الفطر. وأما التكبير المقيد فهو ما يكون عقيب الصلوات الخمس المكتوبة، ولا يكون بعد صلاة النافلة إلا فى قول عند الشافعية. وقد اختلف الفقهاء فى مدة التكبير المقيد اختلافا كبيرا، ويمكن إجمال أشهر أقوالهم فى المذاهب الأربعة الآتية:
«1» أن التكبير يكون عقب الصلوات الخمس من فجر يوم عرفة حتى عصر يوم الأضحى. وهو قول أبى حنيفة وروى عن ابن مسعود. وحجتهم: أن ما بعد عصر يوم الأضحى ليس منه، وشعيرة التكبير مرتبطة بيوم العيد، وأيام التشريق ليست من العيد. وأما يوم عرفة فلمشاركة الحجاج. وقد أخرج ابن المنذر عن أبى وائل أنه كان يكبر من يوم عرفة صلاة الصبح إلى صلاة الظهر يعنى من يوم النحر، وعن ابن سيرين أنه كان لا يكبر فى أيام التشريق، وقال: كان بعض الأئمة يكبر فى أيام التشريق، وبعضهم لا يكبر، لا يعتب بعضهم على بعض.
«2» أن التكبير يكون عقب الصلوات الخمس من ظهر يوم الأضحى إلى فجر ثالث أيام التشريق، وهو المشهور عند المالكية وقول من ثلاثة أقوال عند الشافعية، وبه قال أبو يوسف، إلا أنه قال إلى عصر ثالث أيام التشريق. وحجتهم: قوله تعالى: «فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله» «البقرة: 200»، والمناسك تقضى يوم النحر ضحوة، وأول صلاة تلقاهم هى الظهر. والدليل على أنه يقطع التكبير بعد الصبح أن الناس تبع للحاج، وآخر صلاة يصليها الحاج بمنى صلاة الصبح ثم يخرج. وقد أخرج الطبرانى بسند فيه ضعيف عن شريح بن أبرهة قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر فى أيام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر حتى خرج من منى يكبر دبر كل صلاة مكتوبة.
«3» أن التكبير يكون عقب الصلوات الخمس من مغرب ليلة العيد إلى صلاة صبح آخر أيام التشريق، وهو القول الثانى عند الشافعية. وحجتهم: القياس على عيد الفطر فى البداية بمغرب ليلة العيد، واتباعا للحاج فى النهاية الذى ينتهى تكبيره وتلبيته بصلاة صبح آخر أيام التشريق.
«4» أن التكبير يكون عقب الصلوات الخمس من بعد صلاة الصبح يوم عرفة حتى عصر آخر أيام التشريق، وهو مذهب الجمهور قال به أكثر الحنفية وعليه الفتوى عندهم، وإليه ذهب بعض المالكية، وهو القول الثالث عند الشافعية، وبه قال الحنابلة. وقال ابن بشير من المالكية: يكون إلى ظهر آخر أيام التشريق. وحجتهم: ما أخرجه الدارقطنى والبيهقى وقال لا يحتج به لأن فى سنده متروك وضعيف، عن جابر أن النبى - صلى الله عليه وسلم - كبر بعد صلاة الصبح يوم عرفة ومد التكبير إلى العصر آخر أيام التشريق كما أخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبى بأنه خبر واه كأنه موضوع عن على وعمار أن النبى - صلى الله عليه وسلم - كبر بعد صلاة الصبح يوم عرفة ومد التكبير إلى عصر آخر أيام التشريق.
وبهذا يتضح أن المصريين داروا مع المذاهب الفقهية واختاروا منها بحسب استحسانهم دون الالتزام بمذهب بعينه، فقد يأخذون بمذهب أول وقت التكبير ويأخذون بمذهب آخر فى آخر وقت التكبير؛ فكما رأينا أنهم أخذوا بمذهب الحنفية ومن وافقهم من المالكية والحنابلة فى المشهور فى أن يكون بدء التكبير المطلق فى العيد عند الغدو إلى الصلاة، ثم تركوا مذهب الحنفية فى نهاية هذا التكبير بالوصول إلى المصلى وأخذوا بمذهب المالكية والحنابلة وبعض الشافعية الذين قالوا باستمرار هذا التكبير حتى شروع الإمام فى الصلاة.
ورأينا أيضا أن المصريين أخذوا بقول بعض الشافعية والحنابلة القائلين باستحباب التكبير المقيد عقب صلاة المغرب والعشاء والصبح لعيد الفطر، وتركوا مذهب الجمهور الذى لا يرى استحباب التكبير المقيد فى عيد الفطر.
وأما فى عيد الأضحى فقد رأينا اختيار المصريين لمذهب الجمهور الذى يرى استحباب التكبير عقيب الصلوات المكتوبة من فجر عرفة حتى عصر آخر أيام التشريق، وتركوا قول أبى حنيفة الذى لا يرى استحباب التكبير عقيب الصلوات الخمس فى أيام التشريق، كما تركوا مذهب المالكية فى المشهور وأكثر الشافعية الذين لا يرون استحباب التكبير فى يوم عرفة وآخر أيام التشريق فى الجملة. ولم يكن تنويع المصريين لاختياراتهم الفقهية فى وقت تكبير العيد من باب التخليط فى المذاهب، وإنما من باب حق المستفتى فى الاختيار من بين الأقوال صحيحة الاستنباط التى تشبع عاطفته الدينية وترضى قلبه؛ عملا بحقهم الشرعى فيما أخرجه أحمد بإسناد جيد عن أبى ثعلبة الخشنى أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال له: «البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولا يطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون».