* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق
{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا
نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ }
* {أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ
إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ
يَعْمَلُونَ }
{ نُوَفّ إِلَيْهِمْ }
نوصل إليهم أجور أعمالهم وافية كاملة من غير بخس في الدنيا، وهو ما يرزقون فيها من
الصحة والرزق. وقيل: هم أهل الرياء. يقال للقراء منهم: أردت أن يقال: فلان قارىء،
فقد قيل ذلك. ولمن وصل الرحم وتصدّق: فعلت حتى يقال، فقيل ولمن قاتل فقتل: قاتلت
حتى يقال فلان جريء، فقد قيل: وعن أنس بن مالك: هم اليهود والنصارى، إن أعطوا
سائلاً أو وصلوا رحماً، عجل لهم جزاء ذلك بتوسعة في الرزق وصحة في البدن. وقيل: هم
الذين جاهدوا من المنافقين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسهم لهم في الغنائم.
وقرىء: «يوفّ» بالياء على أن الفعل لله عز وجل. وتوفَّ إليهم أعمالهم بالتاء، على
البناء للمفعول. وفي قراءة الحسن: «نوفي»، بالتخفيف وإثبات الياء، لأنّ الشرط وقع
ماضياً، كقوله:
يَقُولُ لاَ غائِبٌ مَالِي وَلاَ حَرِمُ
|
|
{ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا } وحبط في الآخرة ما
صنعوه، أو صنيعهم، يعني: لم يكن له ثواب لأنهم لم يريدوا به الآخرة، إنما أرادوا
به الدنيا، وقد وفي إليهم ما أرادوا { وَبَـٰطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي
كان عملهم في نفسه باطلاً، لأنه لم يعمل لوجه صحيح، والعمل الباطل لا ثواب له.
وقرىء: «وبطل» على الفعل. وعن عاصم: وباطلا بالنصب، وفيه وجهان: أن تكون ما
إبهامية وينتصب بيعملون، ومعناه: وباطلاً، أيّ باطل كانوا يعملون. وأن تكون بمعنى
المصدر على: وبطل بطلاناً ما كانوا يعملون.