*
تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق
يخبر تعالى عن حال المؤمنين الذين هم على فطرة
الله تعالى التي فطر عليها عباده؛ من الاعتراف له بأنه لا إله إلا هو؛ كما قال
تعالى: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى فَطَرَ
ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا } الآية. وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "
كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه؛ كما تولد
البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟ " الحديث. وفي صحيح مسلم عن عياض بن حماد عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم
الشياطين، فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما
لم أنزل به سلطاناً " وفي المسند والسنن: " كل مولود يولد على هذه الملة، حتى يعرب عنه لسانه " الحديث، فالمؤمن باق على هذه الفطرة، قوله: {
وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } أي: وجاءه شاهد من الله، وهو ما أوحاه إلى الأنبياء
من الشرائع المطهرة المكملة المعظمة، المختتمة بشريعة محمد صلوات الله وسلامه عليه
وعليهم أجمعين. ولهذا قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبو العالية والضحاك وإبراهيم
النخعي والسدي وغير واحد في قوله تعالى: { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ }: إنه
جبريل عليه السلام.
وعن علي رضي الله عنه والحسن وقتادة: هو محمد صلى الله عليه وسلم وكلاهما قريب في المعنى؛ لأن كلاً من جبريل ومحمد صلوات الله عليهما، بلغ رسالة الله تعالى، فجبريل إلى محمد، ومحمد إلى الأمة، وقيل: هو عليّ، وهو ضعيف لا يثبت له قائل، والأول والثاني هو الحق، وذلك أن المؤمن عنده من الفطرة ما يشهد للشريعة من حيث الجملة، والتفاصيل تؤخذ من الشريعة، والفطرة تصدقها وتؤمن بها، ولهذا قال تعالى: { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } وهو القرآن، بلغه جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبلغه النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى أمته، ثم قال تعالى: { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ } أي: ومن قبل القرآن كتاب موسى، وهو التوراة { إَمَامًا وَرَحْمَةً } أي: أنزله الله تعالى إلى تلك الأمة إماماً لهم، وقدوة يقتدون بها، ورحمة من الله بهم، فمن آمن بها حق الإيمان قاده ذلك إلى الإيمان بالقرآن، ولهذا قال تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } ثم قال تعالى متوعداً لمن كذب بالقرآن أو بشيء منه: { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } أي: ومن كفر بالقرآن من سائر أهل الأرض؛ مشركهم وكافرهم، وأهل الكتاب وغيرهم من سائر طوائف بني آدم على اختلاف ألوانهم وأشكالهم وأجناسهم ممن بلغه القرآن؛ كما قال تعالى:
وعن علي رضي الله عنه والحسن وقتادة: هو محمد صلى الله عليه وسلم وكلاهما قريب في المعنى؛ لأن كلاً من جبريل ومحمد صلوات الله عليهما، بلغ رسالة الله تعالى، فجبريل إلى محمد، ومحمد إلى الأمة، وقيل: هو عليّ، وهو ضعيف لا يثبت له قائل، والأول والثاني هو الحق، وذلك أن المؤمن عنده من الفطرة ما يشهد للشريعة من حيث الجملة، والتفاصيل تؤخذ من الشريعة، والفطرة تصدقها وتؤمن بها، ولهذا قال تعالى: { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } وهو القرآن، بلغه جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبلغه النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى أمته، ثم قال تعالى: { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ } أي: ومن قبل القرآن كتاب موسى، وهو التوراة { إَمَامًا وَرَحْمَةً } أي: أنزله الله تعالى إلى تلك الأمة إماماً لهم، وقدوة يقتدون بها، ورحمة من الله بهم، فمن آمن بها حق الإيمان قاده ذلك إلى الإيمان بالقرآن، ولهذا قال تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } ثم قال تعالى متوعداً لمن كذب بالقرآن أو بشيء منه: { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } أي: ومن كفر بالقرآن من سائر أهل الأرض؛ مشركهم وكافرهم، وأهل الكتاب وغيرهم من سائر طوائف بني آدم على اختلاف ألوانهم وأشكالهم وأجناسهم ممن بلغه القرآن؛ كما قال تعالى:
{ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن
بَلَغَ }
[الأنعام: 19] وقال تعالى:
{ قُلْ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا }
[الأعراف: 58] وقال تعالى: { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ }.
وفي صحيح مسلم من حديث شعبة: عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي أو نصراني، ثم لا يؤمن بي، إلا دخل النار " وقال أيوب السختياني عن سعيد بن جبير قال: كنت لا أسمع بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم على وجهه، إلا وجدت مصداقه - أو قال: تصديقه - في القرآن، فبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي ولا نصراني، فلا يؤمن بي، إلا دخل النار " فجعلت أقول: أين مصداقه في كتاب الله؟ قال: وقلما سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلمإلا وجدت له تصديقاً في القرآن، حتى وجدت هذه الآية { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلاَْحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } قال: من الملل كلها. وقوله: { فَلاَ تَكُ فِى مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } الآية، أي: القرآن حق من الله، لا مرية ولا شك فيه؛ كما قال تعالى:
{ الۤـمۤ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
[السجدة:1-2] وقال تعالى:
{ الۤمۤ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ }
[البقرة:1-2] وقوله: { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } كقوله تعالى:
{ وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ }
[يوسف: 103] وقال تعالى:
{ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ }
[الأنعام: 116] وقال تعالى:
{ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }
[سبأ: 20].
[الأنعام: 19] وقال تعالى:
{ قُلْ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا }
[الأعراف: 58] وقال تعالى: { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ }.
وفي صحيح مسلم من حديث شعبة: عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي أو نصراني، ثم لا يؤمن بي، إلا دخل النار " وقال أيوب السختياني عن سعيد بن جبير قال: كنت لا أسمع بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم على وجهه، إلا وجدت مصداقه - أو قال: تصديقه - في القرآن، فبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي ولا نصراني، فلا يؤمن بي، إلا دخل النار " فجعلت أقول: أين مصداقه في كتاب الله؟ قال: وقلما سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلمإلا وجدت له تصديقاً في القرآن، حتى وجدت هذه الآية { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلاَْحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } قال: من الملل كلها. وقوله: { فَلاَ تَكُ فِى مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } الآية، أي: القرآن حق من الله، لا مرية ولا شك فيه؛ كما قال تعالى:
{ الۤـمۤ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
[السجدة:1-2] وقال تعالى:
{ الۤمۤ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ }
[البقرة:1-2] وقوله: { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } كقوله تعالى:
{ وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ }
[يوسف: 103] وقال تعالى:
{ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ }
[الأنعام: 116] وقال تعالى:
{ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }
[سبأ: 20].