* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق
{ وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ
أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰناً
فَأَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }
* { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ
يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ وَهُمْ
مُّهْتَدُونَ }
قوله تعالى: { وَكَيْفَ
أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ } ففي «كيف» معنى الإنكار؛ أنكر عليهم تخويفهم إيّاه
بالأصنام وهم لا يخافون الله عز وجل؛ أي كيف أخاف مواتاً وأنتم لا تخافون الله
القادر على كل شيء. { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً } أي حجة؛
وقد تقدّم. { فَأَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلأَمْنِ } أي من عذاب الله:
الموَحِّد أم المشرك؛ فقال الله قاضياً بينهم: { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ
يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } أي بشرك؛ قاله أبو بكر الصدّيق وعليّ
وسَلْمان وحُذيفة، رضي الله عنهم. وقال ابن عباس: هو من قول إبراهيم؛ كما يسأل
العالِمُ ويجيب نفسه. وقيل: هو من قول قوم إبراهيم؛ أي أجابوا بما هو حجة عليهم؛
قاله ابن جُريج. وفي الصحيحين عن ابن مسعود لما نزلت { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ
يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } شقّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم وقالوا: أيُّنا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس هو كما
تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه
{ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
[لقمان: 13]. { وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } أي في الدنيا.
{ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
[لقمان: 13]. { وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } أي في الدنيا.