* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق
{ لاَ تَعْبُدُونَ }
إخبار في معنى النهي، كما تقول: تذهب إلى فلان تقول له كذا، تريد الأمر، وهو أبلغ
من صريح الأمر والنهي، لأنه كأنه سورع إلى الامتثال والانتهاء، فهو يخبر عنه
وتنصره قراءة عبد الله وأبيّ (اَّ تَعْبُدُواْ ) ولا بدّ من إرادة القول، ويدل
عليه أيضاً قوله { وَقُولُواْ }. وقوله: { وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً } إمّا
أن يقدّر: وتحسنون بالوالدين إحساناً. أو وأحسنوا. وقيل: هو جواب قوله: { وإذ
أَخَذْنَا مِيثَـٰقَ بَنِى إِسْرءيلَ } إجراء له مجرى القسم، كأنه قيل: وإذ أقسمنا
عليهم لا تعبدون. وقيل: معناه أن لا تعبدوا، فلما حذفت (أن) رفع، كقوله:
أَلاَ أَيُّهَذَا الزّاجِرِي أَحْضُرٌ الْوَغَى
|
|
ويدل عليه قراءة عبد الله
«أن لا تعبدوا» ويحتمل «أن لا تعبدوا» أن تكون (أن) فيه مفسرة، وأن تكون أن مع
الفعل بدلاً عن الميثاق، كأنه قيل: أخذنا ميثاق بني إسرائيل توحيدهم وقرىء بالتاء
حكاية لما خوطبوا به، وبالياء لأنهم غيب. { حُسْناً } قولا هو حسن في نفسه لإفراط
حسنه. وقرىء «حسناً» و «حسنى» على المصدر ـ كبشرى. { ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ } على
طريقه الالتفات أي توليتم عن الميثاق ورفضتموه. { إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ } قيل:
هم الذين أسلموا منهم. { وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ } وأنتم قوم عادتكم الإعراض عن
المواثيق، والتولية.