باب النهي عن
الاستنجاء باليمين
152 حدثنا معاذ بن فضالة قال حدثنا هشام هو الدستوائي عن يحيى بن أبي
كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء وإذا أتى
الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه ولا يتمسح بيمينه
بَاب النَّهْيِ
عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ
152 حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ
الدَّسْتَوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ
فِي الْإِنَاءِ وَإِذَا أَتَى الْخَلَاءَ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا
يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ
الشروح
- ص 305 - قوله : ( باب النهي
عن الاستنجاء باليمين ) أي : باليد اليمنى ، وعبر بالنهي إشارة إلى أنه لم يظهر له
هل هو للتحريم أو للتنزيه أو أن القرينة الصارفة للنهي عن التحريم لم تظهر له ، وهي
أن ذلك أدب من الآداب ، وبكونه للتنزيه قاله الجمهور ، وذهب أهل الظاهر إلى أنه للتحريم
، وفي كلام جماعة من الشافعية ما يشعر به ، لكن قال النووي : مراد من قال منهم لا يجوز
الاستنجاء باليمين أي : لا يكون مباحا يستوي طرفاه ، بل هو مكروه راجح الترك ، ومع
القول بالتحريم فمن فعله أساء وأجزأه . وقال أهل الظاهر وبعض الحنابلة : لا يجزئ ،
ومحل هذا الاختلاف حيث كانت اليد تباشر ذلك بآلة غيرها كالماء وغيره ، أما بغير آلة
فحرام غير مجزئ بلا خلاف ، واليسرى في ذلك كاليمنى والله أعلم .
قوله : ( حدثنا
معاذ بن فضالة ) بفتح الفاء والضاد المعجمة ، وهو بصري من قدماء شيوخ البخاري .
قوله : ( هو
الدستوائي ) أي : ابن أبي عبد الله لا ابن حسان ، وهما بصريان ثقتان مشهوران من طبقة
واحدة .
قوله : ( عن
أبيه ) أي : أبي قتادة الحارث وقيل عمرو وقيل النعمان الأنصاري ، فارس رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - ، أول مشاهده أحد ومات سنة أربع وخمسين على الصحيح فيهما .
قوله : ( فلا
يتنفس ) بالجزم و " لا " ناهية في الثلاثة ، وروي بالضم فيها على أن لا نافية
.
قوله : ( في
الإناء ) أي داخله ، وأما إذا أبانه وتنفس فهي السنة كما سيأتي في حديث أنس في كتاب
الأشربة إن شاء الله تعالى . وهذا النهي للتأدب لإرادة المبالغة في النظافة ، إذ قد
يخرج مع النفس بصاق أو مخاط أو بخار رديء فيكسبه رائحة كريهة فيتقذر بها هو أو غيره
عن شربه .
قوله : ( وإذا
أتى الخلاء ) أي : فبال كما فسرته الرواية التي بعدها .
قوله : ( ولا
يتمسح بيمينه ) أي : لا يستنج . وقد أثار الخطابي هنا بحثا وبالغ في التبجح به وحكى
عن أبي علي بن أبي هريرة أنه ناظر رجلا من الفقهاء الخراسانيين فسأله عن هذه المسألة
فأعياه جوابها ، ثم أجاب الخطابي عنه بجواب فيه نظر ، ومحصل الإيراد أن المستجمر متى
استجمر بيساره استلزم مس ذكره بيمينه ، ومتى أمسكه بيساره استلزم استجماره بيمينه وكلاهما
قد شمله النهي ، ومحصل الجواب أنه يقصد الأشياء الضخمة التي لا تزول بالحركة كالجدار
ونحوه من الأشياء البارزة فيستجمر بها بيساره ، فإن لم يجد فليلصق مقعدته بالأرض ويمسك
ما يستجمر به بين عقبيه أو إبهامي رجليه ويستجمر بيساره فلا يكون متصرفا في شيء من
ذلك بيمينه ، انتهى . وهذه هيئة منكرة بل يتعذر فعلها في غالب الأوقات ، وقد تعقبه
الطيبي بأن النهي عن الاستجمار باليمين مختص بالدبر ، والنهي عن المس مختص بالذكر فبطل
الإيراد من أصله ، كذا قال . وما ادعاه من تخصيص الاستنجاء بالدبر مردود ، والمس وإن
كان مختصا بالذكر لكن يلحق به الدبر قياسا ، والتنصيص على الذكر لا مفهوم له بل فرج
المرأة كذلك ، وإنما خص الذكر بالذكر لكون الرجال في الغالب هم المخاطبون والنساء شقائق
الرجال في الأحكام إلا ما خص . والصواب في الصورة التي أوردها الخطابي ما قاله إمام
الحرمين ومن بعده كالغزالي في الوسيط والبغوي في التهذيب أنه يمر العضو بيساره على
شيء يمسكه بيمينه وهي - ص 306 - قارة غير متحركة
فلا يعد مستجمرا باليمين ولا ماسا بها ، ومن ادعى أنه في هذه الحالة يكون مستجمرا بيمينه
فقد غلط ، وإنما هو كمن صب بيمينه الماء على يساره حال الاستنجاء .