* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق
{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ }
{ جَعَلَ } يتعدّى إلى مفعول واحد إذا كان بمعنى أحدث وأنشأ، كقوله: { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ } وإلى مفعولين إذا كان بمعنى صيَّر، كقوله:
{ وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً }
[الزخرف: 19] والفرق بين الخلق والجعل: أن الخلق فيه معنى التقدير، وفي الجعل معنى التضمين، كإنشاء شيء من شيء، أو تصيير شيء شيئاً، أو نقله من مكان إلى مكان. ومن ذلك
{ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا }
[الأعراف: 189] { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ }؛ لأن الظلمات من الأجرام المتكاثفة،والنور من النار
{ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً }
[فاطر: 11]
{ أَجَعَلَ ٱلاْلِهَةَ إِلَـٰهاً وٰحِداً }
[ص: 5]. فإن قلت: لم أفرد النور؟ قلت: للقصد إلى الجنس، كقوله تعالى:
{ وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا }
[الحاقة: 17] أو لأن الظلمات كثيرة، لأنه ما من جنس من أجناس الأجرام إلاّ وله ظلّ، وظلّه هو الظلمة، بخلاف النور فإنه من جنس واحد وهو النار. فإن قلت: علام عطف قوله: { ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ }؟ قلت: إما على قوله: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } على معنى أن الله حقيق بالحمد على ما خلق؛ لأنه ما خلقه إلاّ نعمة، ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته، وإما على قوله: { خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ } على معنى أنه خلق ما خلق مما لا يقدر عليه أحد سواه، ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شيء منه. فإن قلت: فما معنى ثم؟ قلت: استبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قدرته، وكذلك
{ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ }
[الأنعام: 2] استبعاد لأن يمتروا فيه بعد ما ثبت أنه محييهم ومميتهم وباعثهم.
{ وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً }
[الزخرف: 19] والفرق بين الخلق والجعل: أن الخلق فيه معنى التقدير، وفي الجعل معنى التضمين، كإنشاء شيء من شيء، أو تصيير شيء شيئاً، أو نقله من مكان إلى مكان. ومن ذلك
{ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا }
[الأعراف: 189] { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَ }؛ لأن الظلمات من الأجرام المتكاثفة،والنور من النار
{ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً }
[فاطر: 11]
{ أَجَعَلَ ٱلاْلِهَةَ إِلَـٰهاً وٰحِداً }
[ص: 5]. فإن قلت: لم أفرد النور؟ قلت: للقصد إلى الجنس، كقوله تعالى:
{ وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا }
[الحاقة: 17] أو لأن الظلمات كثيرة، لأنه ما من جنس من أجناس الأجرام إلاّ وله ظلّ، وظلّه هو الظلمة، بخلاف النور فإنه من جنس واحد وهو النار. فإن قلت: علام عطف قوله: { ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ }؟ قلت: إما على قوله: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } على معنى أن الله حقيق بالحمد على ما خلق؛ لأنه ما خلقه إلاّ نعمة، ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته، وإما على قوله: { خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ } على معنى أنه خلق ما خلق مما لا يقدر عليه أحد سواه، ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شيء منه. فإن قلت: فما معنى ثم؟ قلت: استبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قدرته، وكذلك
{ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ }
[الأنعام: 2] استبعاد لأن يمتروا فيه بعد ما ثبت أنه محييهم ومميتهم وباعثهم.