*
تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق
{ قُلْ أَإِنَّكُمْ
لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ
أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا
وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ }
*{ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ
فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا
طَآئِعِينَ } * { فَقَضَٰهُنَّ
سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا
وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ
ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }
هذا إنكار من الله تعالى على المشركين الذين عبدوا
معه غيره، وهو الخالق لكل شيء، القاهر لكل شيء، المقتدر على كل شيء، فقال: { قُلْ
أَءِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِى خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ
وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً } أي: نظراء وأمثالاً تعبدونها معه { ذَلِكَ رَبُّ
ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي: الخالق للأشياء هو رب العالمين كلهم. وهذا المكان فيه تفصيل
لقوله تعالى:
{ خَلَقَ ٱلسَمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ }
[الأعراف: 54] ففصل ههنا ما يختص بالأرض مما اختص بالسماء، فذكر أنه خلق الأرض أولاً، لأنها كالأساس، والأصل أن يبدأ بالأساس، ثم بعده بالسقف؛ كما قال عز وجل:
{ هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍ }
[البقرة: 29] الآية فأما قوله تعالى:
{ أَءَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَـٰهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَـٰهَا وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَـٰهَا وَٱلْجِبَالَ أَرْسَـٰهَا مَتَـٰعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَـٰمِكُمْ }
[النازعات:27-33] ففي هذ الآية أن دحي الأرض كان بعد خلق السماء، فالدحي هو مفسر بقوله { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا } وكان هذا بعد خلق السماء، فأما خلق الأرض، فقبل خلق السماء بالنص، وبهذا أجاب ابن عباس رضي الله عنه فيما ذكره البخاري عند تفسير هذه الآية من صحيحه فإنه قال: وقال المنهال عن سعيد بن جبير قال: قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما: إني لأجد في القرآن أشياء تختلف علي، قال:
{ فَلآ أَنسَـٰبَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ }
[المؤمنون: 101]
{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ }
[الصافات: 27]
{ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً }
[النساء: 42]
{ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }
[الأنعام: 23] فقد كتموا في هذه الآية، وقال تعالى: { أَءَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَـٰهَا } ــــ إلى قوله ــــ { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } فذكر خلق السماء، قبل الأرض ثم قال تعالى: { قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ - إلى قوله - طَآئِعِينَ } فذكر في هذه خلق الأرض قبل خلق السماء، قال:
{ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }
[النساء: 96]
{ عَزِيزاً حَكِيماً }
[النساء: 56]
{ سَمِيعاً بَصِيراً }
[النساء: 58] فكأنه كان ثم مضى، فقال ابن عباس رضي الله عنهما { فَلاَ أَنسَـٰبَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } في النفخة الأولى، ثم نفخ في الصور،
{ فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلأََرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ }
[الزمر: 68] فلا أنساب بينهم عند ذلك، ولا يتساءلون بينهم في النفخة الأخرى { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } وأما قوله:
{ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }
[النساء: 42]
{ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً }
[النساء: 42] فإن الله تعالى يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم، فيقول المشركون: تعالوا نقول: لم نكن مشركين، فيختم على أفواههم، فتنطق أيديهم، فعند ذلك يعرف أن الله تعالى لا يكتم حديثاً، وعنده
{ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }
[النساء: 42] الآية، وخلق الأرض في يومين، ثم خلق السماء، ثم استوى إلى السماء، فسواهن في يومين آخرين، ثم دحى الأرض، ودحيها أن أخرج منها الماء والمرعى، وخلق الجبال والرمال والجماد والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله تعالى: دحاها.
{ خَلَقَ ٱلسَمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ }
[الأعراف: 54] ففصل ههنا ما يختص بالأرض مما اختص بالسماء، فذكر أنه خلق الأرض أولاً، لأنها كالأساس، والأصل أن يبدأ بالأساس، ثم بعده بالسقف؛ كما قال عز وجل:
{ هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍ }
[البقرة: 29] الآية فأما قوله تعالى:
{ أَءَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَـٰهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَـٰهَا وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَـٰهَا وَٱلْجِبَالَ أَرْسَـٰهَا مَتَـٰعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَـٰمِكُمْ }
[النازعات:27-33] ففي هذ الآية أن دحي الأرض كان بعد خلق السماء، فالدحي هو مفسر بقوله { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا } وكان هذا بعد خلق السماء، فأما خلق الأرض، فقبل خلق السماء بالنص، وبهذا أجاب ابن عباس رضي الله عنه فيما ذكره البخاري عند تفسير هذه الآية من صحيحه فإنه قال: وقال المنهال عن سعيد بن جبير قال: قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما: إني لأجد في القرآن أشياء تختلف علي، قال:
{ فَلآ أَنسَـٰبَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ }
[المؤمنون: 101]
{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ }
[الصافات: 27]
{ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً }
[النساء: 42]
{ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }
[الأنعام: 23] فقد كتموا في هذه الآية، وقال تعالى: { أَءَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ بَنَـٰهَا } ــــ إلى قوله ــــ { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } فذكر خلق السماء، قبل الأرض ثم قال تعالى: { قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ - إلى قوله - طَآئِعِينَ } فذكر في هذه خلق الأرض قبل خلق السماء، قال:
{ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }
[النساء: 96]
{ عَزِيزاً حَكِيماً }
[النساء: 56]
{ سَمِيعاً بَصِيراً }
[النساء: 58] فكأنه كان ثم مضى، فقال ابن عباس رضي الله عنهما { فَلاَ أَنسَـٰبَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } في النفخة الأولى، ثم نفخ في الصور،
{ فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَن فِى ٱلأََرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ }
[الزمر: 68] فلا أنساب بينهم عند ذلك، ولا يتساءلون بينهم في النفخة الأخرى { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } وأما قوله:
{ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }
[النساء: 42]
{ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً }
[النساء: 42] فإن الله تعالى يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم، فيقول المشركون: تعالوا نقول: لم نكن مشركين، فيختم على أفواههم، فتنطق أيديهم، فعند ذلك يعرف أن الله تعالى لا يكتم حديثاً، وعنده
{ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }
[النساء: 42] الآية، وخلق الأرض في يومين، ثم خلق السماء، ثم استوى إلى السماء، فسواهن في يومين آخرين، ثم دحى الأرض، ودحيها أن أخرج منها الماء والمرعى، وخلق الجبال والرمال والجماد والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله تعالى: دحاها.
وقوله: { خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِى
يَوْمَيْنِ } فخلق الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام، وخلق السموات في يومين.
{ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }
[النساء: 96] سمى نفسه بذلك، وذلك قوله، أي: لم يزل كذلك؛ فإن الله تعالى لم يرد شيئاً إلا أصاب به الذي أراد، فلا يختلفن عليك القرآن؛ فإن كلاً من عند الله عز وجل. قال البخاري: حدثنيه يوسف بن عدي، حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال، هو ابن عمرو، بالحديث. وقوله: { خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ } يعني: يوم الأحد ويوم الاثنين، { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِن فَوْقِهَا وَبَـٰرَكَ فِيهَا } أي: جعلها مباركة قابلة للخير والبذر والغراس، { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا } ، وهو ما يحتاج أهلها إليه من الأرزاق والأماكن التي تزرع وتغرس، يعني: يوم الثلاثاء والأربعاء، فهما مع اليومين السابقين أربعة، ولهذا قال: { فِىۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } أي: لمن أراد السؤال عن ذلك ليعلمه. وقال عكرمة ومجاهد في قوله عز وجل: { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَٰتَهَا }: جعل في كل أرض ما لا يصلح في غيرها، ومنه العصب باليمن، والسابوري بسابور، والطيالسة بالري. وقال ابن عباس وقتادة والسدي في قوله تعالى: { سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } أي: لمن أراد السؤال عن ذلك. وقال ابن زيد: معناه: وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين، أي: على وفق مراده، من له حاجة، إلى رزق أو حاجة فإن الله تعالى قدر له ما هو محتاج إليه، وهذا القول يشبه ما ذكروه في قوله تعالى:
{ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ }
[إبراهيم: 34] والله أعلم. وقوله تبارك وتعالى: { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِىَ دُخَانٌ } وهو بخار الماء المتصاعد منه حين خلقت الأرض، { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } أي: استجيبا لأمري، وانفعلا لفعلي، طائعتين أو مكرهتين. قال الثوري عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى: { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } قال: قال الله تبارك وتعالى للسموات: أطلعي شمسي وقمري ونجومي، وقال للأرض: شققي أنهارك وأخرجي ثمارك، { قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } واختاره ابن جرير رحمه الله. قالتا: أتينا طائعين، أي: بل نستجيب لك مطيعين بما فينا مما تريد خلقه من الملائكة والجن والإنس جميعاً مطيعين لك، حكاه ابن جرير عن بعض أهل العربية، قال: وقيل: تنزيلاً لهن معاملة من يعقل؛ بكلامهما. وقيل: إن المتكلم من الأرض بذلك هو مكان الكعبة، ومن السماء ما يسامته منها، والله أعلم. وقال الحسن البصري: لو أبيا عليه أمره عليه، لعذبهما عذاباً يجدان ألمه، رواه ابن أبي حاتم.
{ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }
[النساء: 96] سمى نفسه بذلك، وذلك قوله، أي: لم يزل كذلك؛ فإن الله تعالى لم يرد شيئاً إلا أصاب به الذي أراد، فلا يختلفن عليك القرآن؛ فإن كلاً من عند الله عز وجل. قال البخاري: حدثنيه يوسف بن عدي، حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال، هو ابن عمرو، بالحديث. وقوله: { خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ } يعني: يوم الأحد ويوم الاثنين، { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِن فَوْقِهَا وَبَـٰرَكَ فِيهَا } أي: جعلها مباركة قابلة للخير والبذر والغراس، { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا } ، وهو ما يحتاج أهلها إليه من الأرزاق والأماكن التي تزرع وتغرس، يعني: يوم الثلاثاء والأربعاء، فهما مع اليومين السابقين أربعة، ولهذا قال: { فِىۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } أي: لمن أراد السؤال عن ذلك ليعلمه. وقال عكرمة ومجاهد في قوله عز وجل: { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَٰتَهَا }: جعل في كل أرض ما لا يصلح في غيرها، ومنه العصب باليمن، والسابوري بسابور، والطيالسة بالري. وقال ابن عباس وقتادة والسدي في قوله تعالى: { سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } أي: لمن أراد السؤال عن ذلك. وقال ابن زيد: معناه: وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين، أي: على وفق مراده، من له حاجة، إلى رزق أو حاجة فإن الله تعالى قدر له ما هو محتاج إليه، وهذا القول يشبه ما ذكروه في قوله تعالى:
{ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ }
[إبراهيم: 34] والله أعلم. وقوله تبارك وتعالى: { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِىَ دُخَانٌ } وهو بخار الماء المتصاعد منه حين خلقت الأرض، { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } أي: استجيبا لأمري، وانفعلا لفعلي، طائعتين أو مكرهتين. قال الثوري عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى: { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } قال: قال الله تبارك وتعالى للسموات: أطلعي شمسي وقمري ونجومي، وقال للأرض: شققي أنهارك وأخرجي ثمارك، { قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } واختاره ابن جرير رحمه الله. قالتا: أتينا طائعين، أي: بل نستجيب لك مطيعين بما فينا مما تريد خلقه من الملائكة والجن والإنس جميعاً مطيعين لك، حكاه ابن جرير عن بعض أهل العربية، قال: وقيل: تنزيلاً لهن معاملة من يعقل؛ بكلامهما. وقيل: إن المتكلم من الأرض بذلك هو مكان الكعبة، ومن السماء ما يسامته منها، والله أعلم. وقال الحسن البصري: لو أبيا عليه أمره عليه، لعذبهما عذاباً يجدان ألمه، رواه ابن أبي حاتم.
{ فَقَضَاهُنَّ
سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ فِى يَوْمَيْنِ } أي: ففرغ من تسويتهن سبع سموات في يومين، أي:
آخرين، وهما يوم الخميس ويوم الجمعة { وَأَوْحَىٰ فِى كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا }
أي: ورتب مقرراً في كل سماء ما تحتاج إليه من الملائكة، وما فيها من الأشياء التي
لا يعلمها إلا هو، { وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَـٰبِيحَ } وهي
الكواكب المنيرة المشرقة على أهل الأرض، { وَحِفْظاً } أي: حرساً من الشياطين أن
تستمع إلى الملأ الأعلى، { ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } أي: العزيز
الذي قد عز كل شيء فغلبه وقهره، العليم بجميع حركات المخلوقات وسكناتهم. قال ابن
جرير: حدثنا هناد بن السري، حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي سعيد البقال عن عكرمة عن
ابن عباس قال هناد: قرأت سائر الحديث أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه وسلم
فسألته عن خلق السموات والأرض، فقال صلى الله عليه وسلم "
خلق الله تعالى الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين، وخلق الجبال يوم
الثلاثاء وما فيهن من منافع، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران
والخراب، فهذه أربعة { قُلْ أَءِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِى خَلَقَ ٱلأَرْضَ
فِى يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِن فَوْقِهَا وَبَـٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ
أَقْوَٰتَهَا فِىۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } لمن سأله، قال:
وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث
ساعات بقيت منه، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء مما ينتفع به الناس، وفي الثالثة
آدم، وأسكنه الجنة، وأمر إبليس بالسجود له، وأخرجه منها في آخر ساعة " ثم
قالت اليهود: ثم ماذا يا محمد؟ قال: "
ثم استوى على العرش " قالوا:
قد أصبت لو أتممت، قالوا: ثم استراح، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً،
فنزل:
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ }
[ق: 38 ــــ 39] هذا الحديث فيه غرابة. فأما حديث ابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: " خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة، آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل " فقد رواه مسلم والنسائي في كتابيهما من حديث ابن جريج به، وهو من غرائب الصحيح، وقد علله البخاري في التاريخ، فقال: رواه بعضهم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار، وهو الأصح.
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ }
[ق: 38 ــــ 39] هذا الحديث فيه غرابة. فأما حديث ابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: " خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة، آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل " فقد رواه مسلم والنسائي في كتابيهما من حديث ابن جريج به، وهو من غرائب الصحيح، وقد علله البخاري في التاريخ، فقال: رواه بعضهم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار، وهو الأصح.