* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685
هـ) مصنف و مدقق
{ فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ
أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا
هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } * { قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ
يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ } * { أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ
أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ
فَاعِلِينَ } * { قُلْنَا يٰنَارُ
كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } * { وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ }
* {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي
بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } * { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ
جَعَلْنَا صَالِحِينَ } * { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا
وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ
ٱلزَّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ } * { وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ
ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ ٱلْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ
سَوْءٍ فَاسِقِينَ } * { وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَآ إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ }
* { وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ
فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ }
* {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ
بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ }
{ فَرَجَعُواْ إِلَىٰ
أَنفُسِهِمْ } وراجعوا عقولهم. { فَقَالُواْ } فقال بعضهم لبعض. { إِنَّكُمْ
أَنتُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } بهذا السؤال أو بعبادة من لا ينطق ولا يضر ولا ينفع لا
من ظلمتموه بقولكم { إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ }.
{ ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُؤُوسِهِمْ } انقلبوا إلى المجادلة بعدما استقاموا بالمراجعة، شبه عودهم إلى الباطل بصيرورة أسفل الشيء مستعلياً على أعلاه. وقرىء { نُكِّسُواْ } بالتشديد و { نكسوا } أي نكسوا أنفسهم. { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلآءِ يِنْطِقُونَ } فكيف تأمرنا بسؤالها وهو على إرادة القول.
{ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ } إنكار لعبادتهم لها بعد اعترافهم بأنها جمادات لا تنفع ولا تضر فإنه ينافي الألوهية.
{ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } تضجر منه على إصرارهم بالباطل البين، و { أُفّ } صوت المتضجر ومعناه قبحاً ونتناً واللام لبيان المتأفف له. { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } قبح صنيعكم.
{ قَالُواْ } أخذا في المضارة لما عجزوا عن المحاجة. { حَرِّقُوهُ } فإن النار أهول ما يعاقب به. { وَٱنصُرُواْ ءَالِهَتَكُمْ } بالانتقام لها. { إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ } إن كنتم ناصرين لها نصراً مؤزراً، والقائل فيهم رجل من أكراد فارس اسمه هيون خسف به الأرض وقيل نمروذ.
{ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَـٰمَا عَلَىٰ إِبْرٰهِيمَ } ذات برد وسلام أي ابردي بردا غير ضار، وفيه مبالغات جعل النار المسخرة لقدرته مأمورة مطيعة وإقامة { كُونِى } ذات برد مقام أبردي، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وقيل نصب { سَلاَماً } بفعله أي وسلمنا سلاماً عليه. روي أنهم بنوا حظيرة بكوثى وجمعوا فيها ناراً عظيمة ثم وضعوه في المنجنيق مغلولاً فرموا به فيها فقال له جبريل: هل لك حاجة، فقال: أما إليك فلا فقال: فسل ربك فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي، فجعل الله تعالى ـ ببركة قوله ـ الحظيرة روضة ولم يحترق منه إلا وثاقه، فاطلع عليه نمرود من الصرح فقال إني مقرب إلى إلهك فذبح أربعة آلاف بقرة وكف عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام. وكان إذ ذاك ابن ست عشرة سنة وانقلاب النار هواء طيباً ليس ببدع غير أنه هكذا على خلاف المعتاد فهو إذن من معجزاته. وقيل كانت النار بحالها لكنه سبحانه وتعالى دفع عنه أذاها كما ترى في السمندل ويشعر به قوله على إبراهيم.
{ وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً } مكراً في إضراره. { فَجَعَلْنَـٰهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } أخسر من كل خاسر لما عاد سعيهم برهاناً قاطعاً على أنهم على الباطل وإبراهيم على الحق وموجباً لمزيد درجته واستحقاقهم أشد العذاب.
{ وَنَجَّيْنَـٰهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـٰلَمِينَ } أي من العراق إلى الشام وبركاته العامة أن أكثر الأنبياء بعثوا فيه فانتشرت في العالمين شرائعهم التي هي مبادي الكمالات والخيرات الدينية والدنيوية.
{ ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُؤُوسِهِمْ } انقلبوا إلى المجادلة بعدما استقاموا بالمراجعة، شبه عودهم إلى الباطل بصيرورة أسفل الشيء مستعلياً على أعلاه. وقرىء { نُكِّسُواْ } بالتشديد و { نكسوا } أي نكسوا أنفسهم. { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلآءِ يِنْطِقُونَ } فكيف تأمرنا بسؤالها وهو على إرادة القول.
{ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ } إنكار لعبادتهم لها بعد اعترافهم بأنها جمادات لا تنفع ولا تضر فإنه ينافي الألوهية.
{ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } تضجر منه على إصرارهم بالباطل البين، و { أُفّ } صوت المتضجر ومعناه قبحاً ونتناً واللام لبيان المتأفف له. { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } قبح صنيعكم.
{ قَالُواْ } أخذا في المضارة لما عجزوا عن المحاجة. { حَرِّقُوهُ } فإن النار أهول ما يعاقب به. { وَٱنصُرُواْ ءَالِهَتَكُمْ } بالانتقام لها. { إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ } إن كنتم ناصرين لها نصراً مؤزراً، والقائل فيهم رجل من أكراد فارس اسمه هيون خسف به الأرض وقيل نمروذ.
{ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَـٰمَا عَلَىٰ إِبْرٰهِيمَ } ذات برد وسلام أي ابردي بردا غير ضار، وفيه مبالغات جعل النار المسخرة لقدرته مأمورة مطيعة وإقامة { كُونِى } ذات برد مقام أبردي، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وقيل نصب { سَلاَماً } بفعله أي وسلمنا سلاماً عليه. روي أنهم بنوا حظيرة بكوثى وجمعوا فيها ناراً عظيمة ثم وضعوه في المنجنيق مغلولاً فرموا به فيها فقال له جبريل: هل لك حاجة، فقال: أما إليك فلا فقال: فسل ربك فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي، فجعل الله تعالى ـ ببركة قوله ـ الحظيرة روضة ولم يحترق منه إلا وثاقه، فاطلع عليه نمرود من الصرح فقال إني مقرب إلى إلهك فذبح أربعة آلاف بقرة وكف عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام. وكان إذ ذاك ابن ست عشرة سنة وانقلاب النار هواء طيباً ليس ببدع غير أنه هكذا على خلاف المعتاد فهو إذن من معجزاته. وقيل كانت النار بحالها لكنه سبحانه وتعالى دفع عنه أذاها كما ترى في السمندل ويشعر به قوله على إبراهيم.
{ وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً } مكراً في إضراره. { فَجَعَلْنَـٰهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } أخسر من كل خاسر لما عاد سعيهم برهاناً قاطعاً على أنهم على الباطل وإبراهيم على الحق وموجباً لمزيد درجته واستحقاقهم أشد العذاب.
{ وَنَجَّيْنَـٰهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـٰلَمِينَ } أي من العراق إلى الشام وبركاته العامة أن أكثر الأنبياء بعثوا فيه فانتشرت في العالمين شرائعهم التي هي مبادي الكمالات والخيرات الدينية والدنيوية.
وقيل كثرة النعم والخصب الغالب.
روي أنه عليه الصلاة والسلام نزل بفلسطين ولوط عليه الصلاة والسلام بالمؤتفكة
وبينهما مسيرة يوم وليلة.
{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً } عطية فهي حال منهما أو ولد ولد، أو زيادة على ما سأل وهو إسحاق فتختص بيعقوب ولا بأس به للقرينة. { وَكُلاًّ } يعني الأربعة. { جَعَلْنَا صَـٰلِحِينَ } بأن وفقناهم للصلاح وحملناهم عليه فصاروا كاملين.
{ وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً } يقتدى بهم. { يَهْدُونَ } الناس إلى الحق. { بِأَمْرِنَا } لهم بذلك وأرسلنا إياهم حتى صاروا مكملين. { وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرٰتِ } ليحثوهم عليها فيتم كمالها بانضمام العمل إلى العلم، وأصله أن تفعل الخيرات ثم فعلا الخيرات وكذلك قوله: { وَإِقَامَ ٱلصَّلوٰة وَإِيتَاء ٱلزَّكَـوٰةِ } وهو من عطف الخاص على العام للتفضيل، وحذفت تاء الإِقامة المعوضة من إحدى الألفين لقيام المضاف إليه مقامها. { وَكَانُواْ لَنَا عَـٰبِدِينَ } موحدين في العبادة ولذلك قدم الصلة.
{ وَلُوطاً اتَيْنَـٰهُ حُكْماً } حكمة أو نبوة أو فصلاً بين الخصوم. { وَعِلْماً } بما ينبغي علمه للأنبياء. { وَنَجَّيْنَـٰهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ } قرية سدوم. { ٱلَّتِى كَانَت تَعْمَلُ ٱلْخَبَـٰئِثَ } يعني اللواطة وصفها بصفة أهلها أو أسندها إليها على حذف المضاف وإقامتها مقامه ويدل عليه: { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَـٰسِقِينَ } فإنه كالتعليل له.
{ وَأَدْخَلْنَـٰهُ فِى رَحْمَتِنَا } في أهل رحمتنا أو جنتنا. { إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } الذين سبقت لهم منا الحسنى.
{ وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ } إذ دعا الله سبحانه على قومه بالهلاك. { مِن قَبْلُ } من قبل المذكورين. { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } دعاءه. { فَنَجَّيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } من الطوفان أو أذى قومه والكرب الغم الشديد.
{ وَنَصَرْنَـٰهُ } مطاوع انتصر أي جعلناه منتصراً. { مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ أَجْمَعِينَ } لاجتماع الأمرين تكذيب الحق والانهماك في الشر، ولعلهما لم يجتمعا في قوم إلا وأهلكهم الله تعالى.
{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً } عطية فهي حال منهما أو ولد ولد، أو زيادة على ما سأل وهو إسحاق فتختص بيعقوب ولا بأس به للقرينة. { وَكُلاًّ } يعني الأربعة. { جَعَلْنَا صَـٰلِحِينَ } بأن وفقناهم للصلاح وحملناهم عليه فصاروا كاملين.
{ وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً } يقتدى بهم. { يَهْدُونَ } الناس إلى الحق. { بِأَمْرِنَا } لهم بذلك وأرسلنا إياهم حتى صاروا مكملين. { وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرٰتِ } ليحثوهم عليها فيتم كمالها بانضمام العمل إلى العلم، وأصله أن تفعل الخيرات ثم فعلا الخيرات وكذلك قوله: { وَإِقَامَ ٱلصَّلوٰة وَإِيتَاء ٱلزَّكَـوٰةِ } وهو من عطف الخاص على العام للتفضيل، وحذفت تاء الإِقامة المعوضة من إحدى الألفين لقيام المضاف إليه مقامها. { وَكَانُواْ لَنَا عَـٰبِدِينَ } موحدين في العبادة ولذلك قدم الصلة.
{ وَلُوطاً اتَيْنَـٰهُ حُكْماً } حكمة أو نبوة أو فصلاً بين الخصوم. { وَعِلْماً } بما ينبغي علمه للأنبياء. { وَنَجَّيْنَـٰهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ } قرية سدوم. { ٱلَّتِى كَانَت تَعْمَلُ ٱلْخَبَـٰئِثَ } يعني اللواطة وصفها بصفة أهلها أو أسندها إليها على حذف المضاف وإقامتها مقامه ويدل عليه: { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَـٰسِقِينَ } فإنه كالتعليل له.
{ وَأَدْخَلْنَـٰهُ فِى رَحْمَتِنَا } في أهل رحمتنا أو جنتنا. { إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } الذين سبقت لهم منا الحسنى.
{ وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ } إذ دعا الله سبحانه على قومه بالهلاك. { مِن قَبْلُ } من قبل المذكورين. { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } دعاءه. { فَنَجَّيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } من الطوفان أو أذى قومه والكرب الغم الشديد.
{ وَنَصَرْنَـٰهُ } مطاوع انتصر أي جعلناه منتصراً. { مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ أَجْمَعِينَ } لاجتماع الأمرين تكذيب الحق والانهماك في الشر، ولعلهما لم يجتمعا في قوم إلا وأهلكهم الله تعالى.