Monday, 2 November 2015

سورة الأنبياء آية 0066 - 00774 ت - تفسير القرآن الكريم - تفسير ابن كثير

* تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق 

يقول تعالى مخبراً عن قوم إبراهيم حين قال لهم ما قال، { فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ } أي: بالملامة في عدم احترازهم وحراستهم لآلهتهم، فقالوا: { إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } أي: في ترككم لها مهملة لا حافظ عندها، { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ } أي: ثم أطرقوا في الأرض، فقالوا: { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ }. قال قتادة: أدركت القوم حيرة سوء، فقالوا { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ }. وقال السدي: { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ } أي: في الفتنة. وقال ابن زيد: أي: في الرأي، وقول قتادة أظهر في المعنى؛ لأنهم إنما فعلوا ذلك حيرة وعجزاً، ولهذا قالوا له: { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } فكيف تقول لنا: سلوهم إن كانوا ينطقون، وأنت تعلم أنها لا تنطق، فعندها قال لهم إبراهيم لما اعترفوا بذلك: { أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ } أي: إذا كانت لا تنطق، وهي لا تنفع ولا تضر، فلم تعبدونها من دون الله؟ { أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أي: أفلا تتدبرون ما أنتم فيه من الضلال والكفر الغليظ، الذي لا يروج إلا على جاهل ظالم فاجر؟ فأقام عليهم الحجة، وألزمهم بها، ولهذا قال تعالى:
وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَـٰهَآ إِبْرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ }
[الأنعام: 83] الآية.