*
تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق
قوله تعالى: { وَلَمَّا جَآءَهُمْ } يعني اليهود.
{ كِتَابٌ } يعني القرآن. { مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ } نعت لكتاب؛ ويجوز في
غير القرآن نصبه على الحال؛ وكذلك هو في مصحف أُبَيَّ بالنصب فيما رُوِيَ. {
لِّمَا مَعَهُمْ } يعني التوراة والإنجيل يخبرهم بما فيهما. { وَكَانُواْ مِن
قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ } أي يستنصرون. والاستفتاح الاستنصار. استفتحت: ٱستنصرت.
وفي الحديث: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين؛ أي يستنصر
بدعائهم وصلاتهم. ومنه { فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ
مِّنْ عِندِهِ }. والنصر: فتح شيء مغلق؛ فهو يرجع إلى قولهم فتحت الباب. وروى
النسائي عن أبي سعيد الخدري أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " إنما نصر الله هذه الأمة بضعفائها
بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم " وروى النسائي أيضاً عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: "
أَبْغُونِي الضعيف فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم " قال ٱبن عباس: كانت يهود خَيْبر تقاتل غَطَفان
فلما التقوا هزمت يهود، فعادت يهود بهذا الدعاء وقالوا: إنا نسألك بحق النبيّ
الأُميّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا تنصرنا عليهم. قال: فكانوا
إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان؛ فلما بُعث النبيّ صلى الله عليه وسلم
كفروا؛ فأنزل الله تعالى: { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى
ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي بك يا محمد، إلى قوله: { فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى
ٱلْكَافِرِينَ }.
قوله تعالى: { وَلَمَّا جَآءَهُمُ } جواب «لَمّا» الفاءُ وما بعدها في قوله: { فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ } في قول الفَرّاء؛ وجواب «لمّا» الثانية «كفروا». وقال الأخفش سعيد: جواب «لما» محذوف لعلم السامع؛ وقاله الزجاج. وقال المبرد: جواب «لما» في قوله: «كفروا»، وأعيدت «لما» الثانية لطول الكلام. ويفيد ذلك تقرير الذنب وتأكيداً له.
قوله تعالى: { وَلَمَّا جَآءَهُمُ } جواب «لَمّا» الفاءُ وما بعدها في قوله: { فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ } في قول الفَرّاء؛ وجواب «لمّا» الثانية «كفروا». وقال الأخفش سعيد: جواب «لما» محذوف لعلم السامع؛ وقاله الزجاج. وقال المبرد: جواب «لما» في قوله: «كفروا»، وأعيدت «لما» الثانية لطول الكلام. ويفيد ذلك تقرير الذنب وتأكيداً له.